بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين رب يسر وأعن وتمم بخير يا كريم
فرصة للتغيير
الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإيمان بالهدى، ونكت في قلوب أهل الطغيان فلا تعي الحكمة أبدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهًا واحدًا فردًا صمدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ما أكرمه عبدًا وسيدًا، وأعظمه أصلاً ومحتدى، وأبهره صدرًا وموردًا صلى الله عليه وسلم وعلى صحبه الكرام، غيوث الندى، وليوث الفدا، صلاة وسلامًا دائمين من اليوم وإلى أن يبعث الله الناس غدًا.
أحبتي في الله،،،
والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة إني أحبكم في الله، وأسأل الله تعالى أن يظلنا بظله يوم لا ظل إلا ظله، وأسأله أن يلهمني وإياكم التوفيق والسداد، وأن يباعد بيننا وبين خطايانا كما باعد بين المشرق والمغرب، وأن يطهرنا من خطايانا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأن يغسلنا من خطايانا بالماء والثلج والبرد.
إلى الباحثين عن السعادة في كل مكان ..
إلى من يحلم بلحظات الراحة والاطمئنان ..
إلى كل من يشعر بالقلق والاكتئاب ..
إلى كل من حياته ضنك وعذاب ..
إلى من ظن علاجه في النسيان ..
إلى من حسب دواءه في تغاير الأزمان ..
إلى من يهرب من مشكلاته ويفني حياته بمشاهدة فيلم أو تمثيلية أو مسرحية ..
إلى من يفر من أزماته ويهدم دينه في كأس خمر أو قطعة حشيش أو تذكرة هيروين ..
إلى من ظن النعيم ـ وهو ذل النفس ـ في عشق الفتيات ومصاحبة الفاجرات وارتياد الحانات ..
إلى من يحسب أن تفريج همه في دخان السيجارة ، وهو يحرق نفسه في وبال وخسارة .. إلى كل هؤلاء ...
.. هلموا إلى الله ..
فالله وحده القادر على أن يريح بالك، ويصلح حالك، ويسعد حياتك، ويمنحك رغد العيش، ويفرج همك، ويكشف عنك كربك، ويضمن لك حياة طيبة في الدنيا والآخرة.
أحبتي في الله ،،،
حديثنا اليوم سوف يتوقف عند حالة أحد هؤلاء التعساء الذين يبحثون عن السعادة، ويحلمون بذهاب همومهم وانفضاض جبال الدنيا عن عاتقهم.
حديثنا إلى المدخنين من المسلمين، أبذل لهم غاية جهدي حتى يقلعوا عن هذا الوباء الخطير، أحاول أن أوقظهم من هذه الغفلة، أحاورهم.. أسائلهم.. وكل ما أرجوه أن يمنحوني وقتًا يسيرًا نقف فيه مع النفس وقفة مصارحة.
أما شعرت - مرة واحدة - أنك مستهدف، أن الأمم تتداعى على أمتك الإسلامية لتنزل بها الذلة والمهانة؟ أما ترى المسلمين يُذبحون ويحاصرون ويضيق عليهم في كل مكان؟ أما أثارت فيك نذر الله من زلازل وأعاصير وخسف ومسخ شعوراً بضرورة اليقظة؟
لابد أن تدرك ما يٌكاد من أجل طمس هويتك.. من أجل مسخ اعتزازك بدينك.. إنهم يريدونك عبدًا للهوى.. عبدًا للدنيا.. وكلٌ على شاكلته؛ فهذا عبد المرأة، وهذا عبد المال وهذا عبد السيجارة .
أخي المسلم ،،،
هل تعلم أن الإحصائيات العالمية التي أجرتها المراكز المتخصصة ذكرت أن أكبر نسبة مدخنين في العالم توجد في العالم العربي!!، وأن أكبر نسبة مدخنين في العالم العربي توجد في مصر، وأكبر نسبة مدخنين في مصر من المسلمين!!
أليس في هذا نذير لك؟! .. ألا تشعر بحجم المأساة؟ إنه عار وشنار أن نكون نحن المسلمين أكثر من يقترفون هذا الجرم الأثيم!
أخي المسلم ،،،
يا من تمسك في يديك لفافة ثم تضعها في فمك نارًا مشتعلة... الله لا يحب أن يطعمك نارًا.
يا من تطعن دينك بالسيجارة... أمَا تخشى نارًا وقودها الناس والحجارة؟؟
أخي المسلم ،،،
هل ترضى أن تكون عبد السيجارة؟
إن الله ابتعثك – أيها المسلم – حرًا، ولن تكون حرًا إلا إذا تبرأت من عبودية كل شيء سوى الله جل وعلا، فلا تذل إلا له، ولا تنقاد إلا لأوامره، ولا تنتهي إلا عمَّا حرم. حينئذ تكون مسلمًا حقًا، فالإسلام الذي تحمله وتدين به ليس مجرد اسم في بطاقة هويتك، الإسلام يعني أن تستسلم لله وحده، وتخلص من الشرك وأهله.
أخي المسلم ،،،
لعلك الآن تريد أن تقول لي: إنك مُبالغ، فالتدخين لا يعني كل هذا، فمن قال: إنني عبدٌ للسجائر، السجائر مجرد دخان أنفخه، ربما أنفخ فيها همي وضيقي ليس إلا!!!
دعني أُقرب لك الأمر، عندما تكون نائمًا وإذا بأذان الفجر ينادى عليك: (الله أكبر .. حي على الصلاة .. حي على الفلاح .. الصلاة خير من النوم)، وإذا بك تتكاسل ولا تلبي النداء لمقابلة الله جل وعلا، لكنك في المقابل إذا أردت أن تدخن سيجارة تفتش سريعًا في جيوبك، تسأل من حولك، تسرع لكي تشتريها ولا تبالي بما تدفع لكي تنالها، وإن لم يكن معك تسولت لأجلها..! كلُ ذلك في سبيل سيجارة..!، وبعد كل هذا تزعم أنك لست عبداً لها!!
إنني لا أبالغ حين أقول إن هذه السيجارة:
- تقدح في إيمانك..
- تنقص من قدرك عند الله..
- تُظلم قلبك..
- تُوردك غدًا موردًا عسرًا.
ثم من خدعك بأن السيجارة تفرج الهمَّ؟!!
الله وحده مفرج الكرب، وما عند الله لا ينال إلا بطاعته، والسيجارة معصية كما سأثبت لك بإذن الله، فكيف تنال رضا الله بمعصيته؟.. وكيف تظن أن السعادة والطمأنينة وراحة البال جزاء من يعصي الله؟
لعلك - إن أنصفت نفسك - تقر بأنك تحتاج أن تتخلص من عبودية كل شيء سوى الله.
وأول ذلك : أن تستشعر فقرك وشدة احتياجك إلى الله، وحينئذٍ عليك أن تقف حيث يريد الله، فلا تخطو خطوة إلا إذا أدركت أنه أذن لك، أما إذا وقفت مع نفسك واتبعت الهوى فإنه سبيل الردى، ألا تعلم أن أهل الجنة هم الذين يخشون ربهم ويخالفون أهواءهم؟ {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} (النازعات:آية_40).
إذا تبين لك ما سبق، فتعالَ بنا نسأل أهل العلم من العلماء العاملين الربانيين:
هل التدخين حلال أو حرام؟
بداية علينا أن نلمَّ ببعض الأمور الخاصة بالتدخين، وهى ظواهر واقعية ليست من نسج الخيال، حتى نصل إلى الحكم الشرعي.
ظواهر حول التدخين
أولاً: التدخين بداية الضلال
ثبت أن التدخين - في غالب الأحوال - هو بداية الطريق إلى المخدرات والمسكرات، بل ارتبط التدخين بكثير من الشخصيات غير السوية من المنحرفين والمجرمين، وهذا الأمر واقعٌ وملموس ولا يحتاج إلى دليل لإثباته، وإذا كان الأمر كذلك فإن الفطرة السليمة ينبغي أن تنفر منه.
ثانيًا: التدخين يتلف الصحة
إن أكثر أمراض الجهاز التنفسي وغيره نتيجة التدخين، ومن العجب أنني زرت أحد المرضى فرأيته يدخن فسألته: "أتفعل بك السيجارة كل هذا ولازلت تدخن؟"، فأجاب : "إنني أنتقم منها هكذا كما انتقمت مني"، قلت: "سبحان الله أي عقل هذا ؟!!"، ولكنه أسر الهوى نسأل الله لنا ولكم العافية في الدنيا والآخرة.
ثالثًا: التدخين تقليد للمشركين
أغلب الشباب وقعوا فريسة هذا الوباء بسبب اعتقادهم أن التدخين من صفات الرجولة، وهو يحاكي في ذلك الممثل فلان أو المطرب فلان ليبدو أمام الناس مثلهم، وأقول لهؤلاء: إن المحب لمن يحب مطيع، فإذا أنت أطعت إنسانًا وحاولت تقليده فهذا دليل لمحبتك له حتى وإن أنكرت ذلك، والطامة الكبرى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن: "المرء مع من أحب" متفق عليه، فهل تحب أن تكون يوم القيامة مع هؤلاء الذين تقلدهم؟
رابعًا: التدخين ضياع للدين
الشريعة الإسلامية جاءت لتحقق مقاصد محددة، من هذه المقاصد حفظ الدين، والتدخين يعارض ذلك فإنه ضياع لدين المرء وهاكم الدليل:
1- المدخن لا يُستجاب دعاؤه
فعن أبى موسى الأشعري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخُلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، ورجل آتى سفيهًا ماله وقال الله تعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم}" السلسلة الصحيحة_1805.
والشاهد في الحديث:
أن الرجل الذي آتى السفهاء أمواله لا تُستجاب دعوته في طلب المال وسعة الرزق، وكل مدخن يُضيع ماله ويضعه عند السفهاء الذين يزينون له الباطل، وهذا يعني أنه يُعرِّض نفسه لسخط الله فلا يَقبل دعاءه، وهذا ضياع لدين المرء، كيف لا والدعاء مخ العبادة!، وقد قال الله تعالى {وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} الأنعام:آية_141.
2- التدخين فيه إصرار على المعصية
وقد قالوا: "لا صغيرة مع الإصرار"، فالإصرار على الصغائر يحولها كبائر، قال الله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا} النساء:آية_31.
3- التدخين يجعلك من أولياء الشيطان
قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًاًِ} الإسراء:آية_27، والتدخين إهلاك للمال في غير حقه، وإسراف وتبذير، وهذا الذي يجعل للشيطان عليك سلطانًا، فما إن يدعوك لشيء حتى تجيبه سريعًا؛ قال تعالى على لسان إبليس: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} إبراهيم:آية_22.
4- التدخين فيه مجاهرة بالإثم
قال صلى الله عليه وسلم : "كل أمتي معافى إلا المجاهرين" متفق عليه، والمدخن يجاهر بذنبه، بل إن عادة المدخنين السيئة أنك تجدهم يعرضون على غيرهم فعل هذه المعصية ويحرّضونهم عليها، فيدخل هذا في قوله تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}المائدة:آية_2، وكما أن الدال على الخير كفاعله، فكذلك الدال على الشر ينال وزره من غير أن ينقص من وزر صاحب المعصية شيئًا. فانظر كل من دعوته إلى سيجارة فأخذها منك أخذت وزره، كل من حرضته على اقتراف هذه المعصية تأخذ ذنبه لأنك دفعته لفعل ما يسخط الله.
أليس كل هذا يدمر دينك ، وينقص من إيمانك ؟!
كن من اليوم عامل بناء لا عامل هدم، عليك أن تنصح غيرك بترك التدخين، كما كنت بالأمس تحرضهم على فعله، حتى تكتب لك من الحسنات الماحيات ما يكفر عنك خطاياك، قال الله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}هود:آية_114.
5- التدخين إهلاك للنفس
من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ النفس، وقد ثبت علميًا أن التدخين سبب لإهلاك النفس وهذا الدليل:
§ قالوا : إن كل سيجارة تهدم من عُمر المدخن خمس دقائق ونصف نظرياً
ولعلك ستقول: هذا كلام لا أصل له، فالعُمر بيد الله جل وعلا، ولقد عاشرت من المدخنين الكثير ولم يحصل لهم ما تقول؟!!، والجواب: إن هذا الذي أسوقه إليك ثابت علميًا وليس محض تكهنات وتخمينات، وما الذي يدريك أن تكون فريسة لهذه الأوبئة التي تنتج عن التدخين، فلا تغتر بغيرك، أليس قد مات بها فلان وفلان؟ فلماذا تنظر إلى الأمر بشكل معكوس؟، ما هو الرصيد الذي ادّخرته عند الله ليدفع عنك هذا البلاء؟
قال صلى الله عليه وسلم :"تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة" صحيح الجامع_2961، وأنت لمَّا كنت صحيح البدن أهلكته في معصية الله، فمن الذي يضمن لك العافية بعد ذلك؟!!
§ قالوا: إن عدد ضحايا الإيدز في عشر سنوات بلغ 1.5مليون (مليون ونصف)، مات منهم 300000 (ثلاثمائة ألف) ، بينما ضحايا التدخين 2.5 مليون (مليونين ونصف) سنويًا
تعرف ذلك الرجل الذي كان يظهر في صورة "راعي بقر" في إعلان إحدى شركات السجائر في العالم، تعرف كيف مات ؟!!، لقد مات بسرطان الرئة بسبب التدخين، وكانت آخر كلماته قبل أن يلفظ أنفاسه: "السجائر تقتلكم وأنا الدليل".
أضرار السجائر كما ورد في تقرير الكلية الملكية البريطانية:
- إن القطران الموجود في السجائر يحتوى على كمية من المواد المسببة للسرطان كسرطان اللسان والفك والبلعوم والمريء وجدار المعدة، ويتغير اللعاب من قلوي إلى حمضي فلا يهضم النشويات فتحدث قرحة المعدة.
- السجائر من أكبر الأسباب للإصابة بسرطان الرئة.
- النيكوتين يؤثر على ضربات القلب فتزيد في الدقيقة من عشر إلى خمس عشرة ضربة لمدة ربع ساعة مما يعد جهداً زائداً على القلب.
– بسبب التدخين تنخفض درجة حرارة الدم في الأطراف فيسبب ضيق الأوعية الدموية لامتصاصها النيكوتين.
- يرتفع ضغط الدم عشر درجات لمدة نصف ساعة.
- التدخين يسبب الشلل الرعاش، وهو ذو تأثير كبير على شرايين الجسم لاسيما شريان المخ، كما أنه يؤثر في زيادة التصاق الصفائح المسئولة عن تكوين الجلطات فيؤدى إلى جلطة القلب وموت الفجأة، أعاذنا الله وإياكم منه.
- يؤدى النيكوتين عند تفاعله مع أول أكسيد الكربون إلى حدوث الذبحة الصدرية.
- ناهيك عن نقص الشهية ، وضعف المعدة، وسرطان البنكرياس، أورام المثانة، سرطان الكلى، الضعف الجنسي.
- كما ثبت أنه يصيب العصب البصري، وقد يتسبب في حالات عمى لا يُشفى منها غالباً.
هذا - والله - ليس من كيسي ولم اخترعه من بنات أفكاري، إنها تقارير طبية علمية ثابتة، وسَلْ عنها أهل التخصص يخبروك بالمزيد.
6- التدخين يفني المال
- وقد مر بنا أن الله لا يحب المسرفين، وأنه لا تستجاب دعوة من يؤتي السفهاء ماله، وأن المبذرين إخوان الشياطين.
- وقد ذكرت الإحصائيات أن المصريين أنفقوا على التدخين عام 1996م حوالي 1.7 مليار دولار (6مليار جنيه تقريباً).
- وأكدت منظمة الصحة العالمية أن المصريين يحرقون حوالي 40 مليار سيجارة في السنة.
وهنا أسأل:
إذا وفرنا المبلغ الضخم سنويًا، أليس في ذلك إصلاح لاقتصاد البلاد، فنستطيع سداد ديوننا التي قصمت ظهورنا ووضعت أنفنا في التراب؟!
- إنك تستطيع لو ادخرت ثمن علبة السجائر أن تجمع مالاً تؤدى به عمرة في رمضان كل عام، قال صلى الله عليه وسلم: "عمرة في رمضان كحجة معي" صحيح الجامع_4098.
- إنك تستطيع أن تنفق هذا المال بأن تكفل يتيمًا. قال صلى الله عليه وسلم : "أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة" وأشار بالسبابة والوسطى رواه البخاري_6005 .
- إنك تستطيع أن تضعه في بناء مسجد أو مستشفى أو معهد ديني فتكون لك صدقة جارية، واعلم أن من أسباب العلاج الصدقة فإنها تطفئ الخطيئة، وتقيم المرء من عثراته، وهى مفتاح لرضا الرب جل وعلا.
أدلة القرآن على تحريم الدخان
والآن - وبعد استعراض هذه الظواهر - يأتي الدور على الأدلة من الكتاب والسنة والتي استدل بها أهل العلم للقول بتحريم التدخين.
أولاً : قال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأيْدِيكُمْ إلَى التّهْلُكَةِ} البقرة:آية_195.
والآية عامة تشمل كل ما يؤدّي إلى ضرر، وإذا ثبت أن التدخين يسبب الأمراض المهلكة كالسرطان وغيره، فالأصل أن النهي يفيد التحريم، وعليه فالتدخين حرام بنصِّ هذه الآية.
وفي الآية دليل على أن الأطعمة نوعان: طيب وخبيث، فإذا سئل هل الدخان من الطيبات أو من الخبائث: فلا ريب أنه خبيث فهو كريه الرائحة، مؤذٍ، فلو حصلت على كمية من الدخان وتركتها في ماءٍ ليلة، ثم أصبحت فشربت هذا النقيع فسوف تموت لأنه سُم، وما كان كذلك فهو خبيث لا محالة، والآية تنص على أن الخبيث محرم.
ثالثًا:قال الله تعالى:{وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ}النساء:آية_29
فنهى الله عن قتل الإنسان نفسه، والأسباب تأخذ حكم المقاصد، فكل ما أدى إلى حرام فهو حرام، وإذا كان التدخين يسبب الأمراض المهلكة فإنه حرام بلا شك.
القضية هنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ومن قتل نفسه بشيء عُذب به في نار جهنم" متفق عليه، فأخاف أن تكون السيجارة سبب هلاكك فتعذب بها يوم القيامة ، قال صلى الله عليه وسلم: "ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدا" متفق عليه.
رابعًا: قال الله تعالى: {وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا *إِنَّ الْمُبَذِّرِينَكَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِكَفُورًا} الإسراء:آية_26،27.
قال مجاهد: "لو أنفق إنسان ماله كله في الحق ما كان مبذرًا، ولو أنفق منه مُداً في باطل كان تبذيرًا".
وقال قتادة: "التبذير النفقة في معصية الله، وفى الفساد، وفى غير الحق"، فدل ذلك على أن التدخين حرام، لأنه تبذير للمال في غير حقه، والتبذير حرام.
والمدخن يؤذي غيره، فالتدخين السلبي أضر من التدخين المباشر، فقد تسبب في إيذاء غيرك باستنشاقه لدخان سيجارتك، ويصير الأمر أشد إذا كان الرجل يعاني من أي مرض في جهازه التنفسي فلا تكن كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو أن تجد منه ريحًا خبيثة، والآية ترشد إلى أن إيذاء المؤمنين بأي صورة من الصور بهتانٌ وإثمٌ بين، وما أدى إلى ذلك فلا شك في حرمته.
سادسًا: قال تعالى: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ..} النساء: آية_5.
والسفيه الذي لا يحسن التصرف في المال، كالذي يبذل ماله في حرام، وحكم الشرع أن يحجر على ماله ولا يُمكَّن من التصرف فيه. والشاهد أن شارب السجائر ينفق ماله بسفه، وكل ما أدى إلى لحوق هذا الضرر بالمرء فلا شك في حرمته.
سابعًا: قال تعالى: {وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُحَلاَلاً طَيِّبًا} المائدة:آية_88، وقال تعالى: {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} المائدة: آية_4، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَالطَّيِّبَاتِ}المؤمنون: آية_51، وقال تعالى: {كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}الأعراف: آية_160.
ومجموع هذه الآيات ترشد إلى أن الله أمرنا أن نأكل من الطيبات، ونهانا أن نأكل من الخبائث، والدخان من الخبائث، ومفهوم ذلك أن الخبيث حرام؛ ولذلك فالدخان حرام.
فأرشد جل وعلا إلى أصل فطري لا تحيدُ عنه إلا الفطر السقيمة، إن الطيب لا يمكن معادلته بالخبيث، وانظر إلى بديع قوله {ولو أعجبك كثرة الخبيث} فهو لا يستوي أبدًا بالطيب، وإذا كان الله طيبًا لا يقبل إلا طيبًا، وكل ما أباحه الله فهو طيب، وكل ما نهى عنه فهو خبيث، والدخان خبيث فهو منهي عنه {اتقوا الله يا أولى الألباب} فليس الدخان بمكروه بل حرام {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجاً} الطلاق:آية_2.
أدلة السنة
مر بك - أخي المسلم - أدلة القرآن الصريحة، وإليك من مشكاة النبوة أدلة أَخَر:
الدليل الأول:
قال صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" صحيح: إرواء الغليل_896.
والشاهد أن التدخين يضرك كما يضر غيرك ، والنفي هنا بمعنى النهي ، والأصل في النهي التحريم، فكل ما أدى إلى لحوق الضرر بالمرء ، أو أن يلحق الضرر بالغير فهو حرام.
الدليل الثاني:
عن المغيرة بن شعبة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال" متفق عليه، والتدخين فيه إضاعة للمال فيما لا يحل ولا ينفع.
الدليل الثالث:
قال صلى الله عليه وسلم : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُؤذي جاره" رواه البخاري_6475.
والمدخن يؤذي جاره ، فالذي يجلس بجواره يتأذى من هذه الرائحة الخبيثة، وربما تسبب في ضيق تنفس المرء، وهذا معلوم ومشاهد.
فيا من رضيت بالله ربًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً وبالإسلام دينًا.. يا من تؤمن باليوم الآخر إيذاء الغير حرام.. لا تؤذ نفسك، ولا تضر غيرك بتدخينك لهذه السيجارة.
الدليل الرابع:
قال صلى الله عليه وسلم: "من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا" أو قال : "فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته" متفق عليه.
فالثوم والبصل ليسا من المحرمات، ولكن من أجل رائحتهما نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكلهما قبل الذهاب للمسجد لأداء الصلاة، حتى لا يتأذى من بجوارك بهذه الرائحة الكريهة، وهذه الرائحة تتأذى بها الملائكة أيضًا، ورائحة الدخان أقذر من رائحة الثوم والبصل، فالملائكة تتأذى من رائحة المدخن.
ووجه الاستدلال أن إيذاء الناس حرام ، وإذا كان التدخين سببًا في لحوق هذا الضرر بالناس، فلا شك في تحريمه.
وقفة مع النفس
ما زلت لا أَمَلُّ في نصحك لعلك تضع يدك في يدي، لأنتشلك من حضيض المعصية إلى عز الطاعة.
أعدّ لهذه الأسئلة جوابًا:
قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عُمره فيما أفناه ، وعن علمه فيم فعل ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه"صحيح الجامع_7300.
أيها الشاب ،،،
أفنيت شبابك في غير طاعة الله!!
أفنيت عمرك في سيجارة!!
يا من تعلم أن التدخين حرام: ماذا فعلت بعلمك هذا؟
يا من تتسول المال..!!
يا من تسهر الليالى وراء جمع المال..!!
أنفقت مالك في معصية الله؟!.. أنفقت مالك في السجائر !!
قال صلى الله عليه وسلم: "إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة" رواه البخاري_3118.
يا صحيح البدن ..!
يا من عافاك الله ثم أدمنت التدخين..!
ستسأل غدًا عن بدنك هذا لماذا أبليته؟!
فالمال مال الله إذا أنفقته في غير حقه دخلت النار لأنك جحدت نعمة ربك عليك وما أديت شكرها. إن كنت بعد هذا كله غير مقتنع بحرمة التدخين، فما عساك تقول في هذه الفتاوى؟؟
أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية بأن:
"شرب الدخان حـــــــــــــــرام؛ لكثرة ضرره، ولكونه إنفاقاً للمال في إسراف، ولقد نهى الله عن الإسراف، ولكونه خبيثًا، وبناء عليه فالاتجار فيه حرام، والكسب منه حرام، وإنتاجه حرام، وصناعته حرام، وبيعه وشراؤه حرام".
هل تستطيع أن تدخن وأنت داخل المسجد؟
هل تستطيع أن تدخن وأنت تقرأ القرآن؟ أو حينما تذكر الله تعالى؟
لماذا؟!!..هل سألت نفسك يوماً لماذا؟
إنها فطرتك السليمة تأبى أن تجمع بين طاعة الله ومعصيته فى آن واحد.
من الناس من يقول: التدخين مكروه، وأنا سأنزل معك جدلاً إلى هذا الرأي، لكن سأسألك: من الذي كرهه؟ أليس هو الله؟ أتحب أن تأتي عملاً يكرهه الله؟
إنك إذا أحببت شخصًا تخشى أن تفعل شيئًا يكرهه، فما بالك تصنع هذا مع رب العالمين الذي خلقك فسواك فعدلك؟؟ {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} نوح: آية_13.
أخيرًا..
الحق ما نطقت به أفواه الأعداء ، فانظر إلى كلام غير المسلمين ممن يحذرون من مغبة التدخين.
· يقول أدسن : "إنني أوثر أن أرى مع أي إنسان مسدساً يسدده إلى فمه من أن أرى لفافة تبغ بين شفتيه".
· قال هنري فورد: "حذار أن يستقبل الشاب الحياة وهو محجوب بسُحب الدخان الخارج من تلك السيجارة الذميمة فإنها ستقتله حتماً".
· قال كيزباك – في المجلة الطبية - : "إن من بين كل عشرة مدخنين ثلاثة أو أربعة أو خمسة سيلقون حتفهم نتيجة التدخين حتماً".
· تقرير الكلية الملكية للأطباء في لندن عام 1977م يقول : "إن كمية النيكوتين الموجودة في سيجارة واحدة كفيلة بقتل إنسان في أوج صحته لو أعطيت له بواسطة إبرة في الوريد".
إن كنت حقاً شعرت بخطورة ما ترتكبه في حق دينك ونفسك وأهلك فلعلك تريد مني - الآن - تذكرة الدواء ، وسوف تجده سهلاً ميسورًا بإذن الله تعالى.
كيف تقلع عن التدخين ؟
أولاً : صدق التضرع إلى الله تعالى
إنني لا أقول لك : "أنت تحتاج إلى عزيمة قوية"، "أنت في حاجة إلى إدارة حديدية"، لا.. ، أنت فقط تحتاج إلى رضا الله، وإذا رضي الله عنك أعانك، فالتوفيق بيده وحده جل وعلا ومن مجلبات رضا الله أن تكثر من الدعاء، وليتك تغتنم الثلث الأخير من الليل.
قال صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له؟" متفق عليه.
قم قبل الفجر بساعة، اغتسل وتوضأ، وقف بين يدي مولاك، ناجه، اسجد بين يديه سجدة طويلة، قل له:
"إلهي وسيدي؛ إني أحبك ولا أستطيع الاستغناء عنك، فأنا عبدك الفقير المحتاج إليك.. إلهي وسيدي .. عبيدك سواي كثير، وليس لي إلا أنت، أريدك ولا أستطيع.. غلبتني شهوتي وشقوتي، غرني سترك المدّخر علىَّ، غرتني نفسي الأمارة بالسوء.. أنا عبدك المذنب الضعيف وأنت الرب الكريم الجليل ، خذ بيدي وناصيتي إليك أخذ الكرام عليك.. ربِّ إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، اللهم عافني ولا تبتليني.. يا رب عافني من الدخان، ومن خلطة أهل العصيان، يا رب نقني من ذنوبي بالماء والثلج والبرد.. يا رب حبب إلي الإيمان، وكرّه إلي الكفر والفسوق والعصيان، يا رب تب علي لأتوب ، يا رب من لي سواك .."
[b][color=#000000][font=Times New Roman]وهكذا كما يفتح الله عليك، داوم